فصل: وفاة الراضي وبيعة المتقي.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الولايات أيام الراضي والقاهر قبله.

قد تقدم لنا أنه لم يبق من العمال في تصريف الخلافة لهذا العهد إلا أعمال الأهواز والبصرة وواسط والجزيرة وذكرنا استيلاء بني بويه على فارس وأصبهان ووشمكير على بلاد الجبل وابن البريدي على البصرة وابن رائق على واسط وأن عماد الدولة بن بويه على فارس وركن الدولة أخوه يتنازع مع وشمكير على أصبهان وهمذان وقم وقاشان والكرج والري وقزوين واستولى معز الدولة أخوهما على الأهواز وعلى كرمان واستولى ابن البريدي على واسط وسار ابن رائق إلى الشام فاستولى عليها وفي سنة ثلاث وعشرين قلد الراضي ابنيه أبا جعفر وأبا الفضل ناحية المشرق والمغرب وفي سنة إحدى وعشرين ورد الخبر بوفاة تكين الخاصكي بمصر وكان أميرا عليها وولى القاهر مكانه ابنه محمدا وثار به الجند فظفر بهم وفيها وقعت الفتنة بين بني ثعلب وبني أسد ومعهم طيء وركب ناصر الدولة الحسن بن عبد الله ابن حمدان ومعه أبو الأعز بن سعيد بن حمدان ليصلح بينهم فوقعت ملاحاة قتل فيها أبو الأعز على يد رجل من ثعلب فحمل عليهم ناصر الدولة واستباحهم إلى الحديثة فلقيهم يانس غلام مؤنس واليا غلام مؤنس واليا على الموصل فانضم إليه بنو ثعلب وبنو أسد وعادوا إلى ديار ربيعة وفي سنة أربع وعشرين قلد الراضي محمد بن طغج أعمال مصر مضافا إلى ما بيده من الشام وعزل عنها أحمد بن كيغلغ.

.وفاة الراضي وبيعة المتقي.

وفي سنة تسع وعشرين وثلثمائة توفي الراضي أبو العباس أحمد بن المقتدر في ربيع الأول منها لسبع سنين غير شهر من خلافته ولما مات أحضر يحكم ندماءه وجلساءه لينتفع بما عندهم من الحكمة فلم يفهم عنهم لعجمته وكان آخر خليفة خطب على المنبر وأن خطب غيره فنادر وآخر خليفة جالس السمر وواصل الندماء ودولته آخر دول الخلفاء في ترتيب النفقات والجوائز والجرايات والمطابخ والخدم والحجاب وكان يحكم يوم وفاته غائبا بواسط حين ملكها من يد ابن البريدي فانتظر في الأمور وصول مراسمه فورد كتابه أبي عبد الله الكوفي يأمر فيه باجتماع الوزراء وأصحاب الدواوين والقضاة والعلويين والعباسيين ووجوه البلد عند الوزير أبي القاسم سليمان بن الحسن ويشاورهم الكوفي فيمن ينصب للخلافة ممن يرتضي مذهبه وطريقه فاجتمعوا وذكروا إبراهيم بن المقتدر واتفقوا عليه وأحضروه من الغد وبايعوا له آخر ربيع الأول من سنة تسع وعشرين وعرضت عليه الألقاب فاختار المتقي لله وأقر سليمان على وزارته كما كان والتدبير كله للكوفي كاتب يحكم وولى سلامة الطولوني على الحجبة.

.مقتل يحكم.

كان أبو عبد الله البريدي بعد هربه إلى البصرة من واسط أنفذ جيشا إلى المدار فبعث إلى لقائهم جيشا من واسط عليهم توزون انتخب له الكرة فظفر بجيش ابن البريدي ولقي يحكم خبره في الطريق فسر بذلك وذهب يتصيد فبلغ نهر جور وعثر في طريقة ببعض الأكراد فشره لغزوهم وقصدهم في خف من أصحابه وهربوا بين يديه وهو يرشقهم بسهامه وجاءه غلام منهم من خلفه فطعنه فقتله واختلف عسكره فمضى الديلم فكانوا ألفا وخمسمائة إلى ابن البريدي وقد كان عزم على الهرب من البصرة فبعث لقدومهم وضاعف لقدو مهم وضاعف أرزاقهم وأدرها عليهم وذهب الأتراك إلى واسط وأطلقوا بكتيك من حبسه وولوه عليهم فسار بهم إلى بغداد في خدمة المتقي وحصر ما كان في دار يحكم من الأموال والدواوين فكانت ألف ألف ومائة ألف دينار ومدة وإمارته سنتان وثمانية أشهر.

.إمارة البريدي ببغداد وعوده إلى واسط.

لما قتل قدم الديلم عليهم بكشوار بن ملك بن مسافر ومسافر هو ابن سلا وصاحب الطرم الذي ملك ولده بعده أذربيجان وقاتلهم الأتراك فقتلوه فقدم الديلم عليهم مكانه كورتين منهم وقدم الأتراك عليهم بكتيك مولى يحكم وانحدر الديلم إلى أبي عبد الله بن البريدي فقوي بهم وأصعدوا إلى واسط وأرسل المتقي إليهم مائة وخمسين ألف دينار على أن يرجعوا عنها ثم قسم في الأتراك في أجناد بغداد أربعمائة ألف دينار من مال يحكم وقدم عليهم سلامة الطولوني وبرز بهم المتقي إلى نهر دبالي آخر شعبان سنة ست وعشرين وسار ابن البريدي من واسط فأشفق أتراك يحكم ولحق بعضهم بابن البريدي وسار آخرون إلى الموصل منهم توزون وجحجح واختفى سلامة الطولوني وأبو عبد الله الكوفي ودخل أبو عبد الله البريدي بغداد أول رمضان ونزل بالشفيعي ولقيه الوزير أبو الحسن بن ميمون والكتاب والقضاة وأعيان الناس وبعث إليه المتقي بالتهنئة والطعام وكان يخاطب بالوزير ثم قبض على الوزير أبي الحسين لشهرين من وزارته وحبسه بالبصرة وطلب من المتقي خمسمائة ألف دينار للجند وهدده بما وقع للمعتز والمستعين والمهتدي فبعث بها إليه ولم يلقه مدة مقامه ببغداد ولما وصله المال من المتقي شغب الجند عليه في طلبه وجاء الديلم إلى دار لأخيه أبي الحسين ثم انضم إليهم الترك وقصدوا دار أبي عبد الله فقطع الجسر ووثب العامة على أصحابه وهرب هو وأخوه وابنه أبو القاسم وأصحابهم وانحدروا إلى واسط وذلك سلخ رمضان لأربعة وعشرين يوما من قدومه.